الأربعاء، 27 يوليو 2011

خريطة السودان الجديدة

     تميز السودان وهو يتمدد علي مساحة مليون ميل مربع في وسط القارة الأفريقية وفي مكان القلب كعملاق يضم في جنباته تسع دول وبحر عظيم . وكانت هذه المساحة ترقد علي خريطة جميلة قليلة التعرجات تبدأ من الشمال في خط طويل  مستقيم علي طول الحدود مع جمهويرة مصر ودولة ليبيا ثم ينزل خط الخريطة مستقيماالي أسفل  وهكذا كما يعلم الكافة وكما هو ظاهر في الخارطة الحالية. أما أجمل ما في الشكل العام هوذلك الانحناء الجميل مع حدودنا مع افريقيا الوسطي ثم مع الكنغو حتي تكتمل الصورة عند نوملي ويرتفع الشكل الهندسي الي أطول تمدد له مع كينيا ويعودالي الداخل ثم الي حودنا مع اثيوبيا فاريتريا والبحر الأحمر . ما أجملها من خارطة مميزة تأسر الناظرين بشكلها الباذخ وتكتمل جميلة حينما يتوسطها نهر النيل بفروعه التي تتجمع لتصب في مجراه الرئيس  ثم تتشعب وفتتجمع من جديد .    
    نانسي وخريطة السودان :
     تعرفت في أوائل الثمانينات عليي صديق أمريكي من الأصول الزنجية  يدعي ثوماث ماريوس والذي كان قد زار السودان في صيف العام 83وكان شديد الإعجاب بهذا البلد الأفريقي الكبير وتعدد وتنوع بيئاته وثقافاته وقد تهيئات له الظروف أن يعيش تفاصيل الحياة اليومية العادية وكان يكتب عن ما كل يلاقي في مدونة خاصة وقد صحبته الي أماكن كثيرة منها البازار الشهير في قلب امدرمان ولثوماث خطيبة جميلة تشبه الي حد كبير حسان بناتنا في كردفان وقد اهديتها بعض الإكسسوارات الشعبية مرسلة مع خطيبها .
    لم يمض شهران علي مغادرة ثوماث السودان حتي جاءتني منه رسالة أنيقة يشكرني فيها علي المساعدات التي قدمتها له ويذكر تلك الأيام الجميلة وبعض من الذين عرفهم كما يذكر بعض الأماكن التي لم تفارق مخيلته . أما الفقرة الأخيرة من الرسالة فقد كتبت بواسطة نانسي وفيها شكرتني علي اهتمامي بثوماس وأثنت علي المشاهد المصورة  والأناتيك التي شاهدتها في إلبوم ثوماث. أما أكثر ما شدني في الرسالة كلها هو ملاحظة نانسي عن خارطة السودان , فقد كتبت ما نصه ( لم يكن لي فكرة قبل سفر ثوماث عن السودان ولا موقعه الجغرافي الا أنني , وبعد أن رجعت للأطلس لاحظت أن السودان يتميز بأجمل ( طلة ) من بين كل دول العالم وأن خريطته في وسط القارة الأفريقية هي الأجمل علي الاطلاق وأصبحت لا أمل النظر اليها ) وختمت بأنها تتمني زيارة السودان . وللفور رجعت للخريطة لأتيقن من نظرة نانسي المدهشة لخريطة السودان. وكنت  في الواقع أملك ذلك الأحساس من قبل الا أنني كنت أحسب أن شهادتي لا بد مجروحه وانا إبن البلد وعاشق أجزائه التي كلها لنا وطن .فكنت وكلما رأيت خارطة السودان تذكرت ملاحظة نانسي الذكية والتي ولابد تجد أنصارا من هاويي الخرط والجغرافيا .
     شد ما أحزنني قطع السودان الي جزئيين ، وبغض النظر عن الجوانب الأخري الوجدانية والسياسية فان منظر بلدي الحالي المسمي هذه الأيام سياسياً بالجمهورية الثانية -هي عندي جمهورية ذات خريطة  قبيحة - شينة محزنة شبه البعض  اسفلها بلغة بلادي( بشطور الكلبة) وسحرها الرباطابي قائلا بأنها ( متل الزول اللابس بدلة بلا بنطلون )
    فهكذا وبين غمضة عين وانتباهتها صارت خارطة السودان مسخا مشوها لايستطيع اشطر مدرس جغرافيا أن يرسم أو يحدد أبعادها لتلاميذه, وقد نحتاج الي وقت طويل وطويل جداً حتي نعرف مواقع مناطق وبلدان مثل قيسان والقردود والقيقر وغيرها من المناطق التي كانت مواقعا حبيبة الي القلب ومألوفة ولا أدري مدي الدهشة التي أصابت نانسي , اول من لاحظ جمال الخرطة وتغزل في السودان عبر طلته ( الأنيقة ) في أطلس العالم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق