السبت، 16 يوليو 2011

الحضارم في السودان

 ( 1 )

     شد ما راعني , وأنا بعد صبي أتحسس خطواتي الأولي في سلم المعرفة والتعلم , ذلكم الوجود المقدر للحضارم في مدينة أروما حاضرة القاش العامرة في منتصف الستينات من القرن المنصرم وبالتحديد في سوقها الرئيس المبني من الطوب الأحمر علي طراز فريد قوامه المحلات التجارية ذات الفرندات الطويلة الممتدة من أول المربوع الي آخرة في ثلاث صفوف متوازية متشابهة تمتد من سوق الخضار واللحم جنوبا الي المسجد الكبير وموقف المواصلات شمالاُ. يطالعك في الواجهة دكان الشيخ أحمد عبد الله باشنين بفرندته العتيقة علي شكل الحرف الانجليزي (L) حيت تتصف مجموعة من الدراجات الهوائية من ماركة الرالي والبلو بيرد في ألوان زاهية وكانها تستعد لجولة من السباق الطويل . وفي واجهة الدكان من الداخل تعرض أنواع من صنوف البضاعة الراقية علي (فترينات) أنيقة تشمل قنينات العطور والساعات من ماركات الجوفيال والرومر وأناتيك زجاجية وأبنوسية راقية وعلي الرفوف البعيدة تتراص وابورات الجاز والرتاين واطارات الدراجات وعلي الكاونتر والرفوف المجاورة تتوافر طاقات من القماش الراقي من الحراير والصوف والتيترون والبلان و الدمور في ألوان زاهية وخامات أنيقة , فضلا عن الأحذية والجوارب والفنايل والبشاكير والبطاطين والقمصان الرجالية وبناطلين التيترون والتريفيرا صيحات ذلك الزمان الجميل. وقد يمتد عجبك حين تكتشف أن هذا المكان هو مجرد مثال لبقية دكاكين الحضارم حين تتعرف علي غيره من المحلات من امثال دكان سعيد باجابر وعبد الله بابعير وباقديم والجنيد وسالم باخشوين . يظن الزائر للوهلة الأولي أن هذه المحلات والدكاكين قد وجدت في المكان الخطأ ولكن سرعان ما يزول عجبك حين تري الباعة يملأون المحلات ويخرجون باصناف من المشتروات تشمل كل ما هو معروض فيها , وفي الواقع فأن أروما في ذلك الزمان كانت سوقا رئيسيا يؤمه الناس من ساكني مناطق كسلا والقضارف و ضواحيهما والمسافرون من والي الشرق الممتد من بطانة أبدكنة الي ما وراء جبال البحر الأحمر وكان الحضارم هم قوام التجارة و عمادها في هذه المنطقة بالتحديد كما أتاحت لي ظروف التعرف علي كل مدن ولايتي كسلا والبحر الأحمر طيلة ستة وعشرون عاما قضيتها في تلك الربوع الحبيبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق